للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس هذا تخييرا لهم، ولا إذنا فى إيثار الحظوظ على الحقوق، ولكنه غاية التحذير والزّجر عن إيثار شىء من الحظوظ على الدّين، ومرور الأيام حكم عدل يكشف فى العاقبة عن أسرار التقدير، قال قائلهم:

سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتك أم حمار؟

ويقال علامة الصدق فى التوحيد قطع العلاقات، ومفارقة العادات، وهجران المعهودات والاكتفاء بالله فى دوام الحالات.

ويقال من كسدت سوق دينه كسدت أسواق حظوظه، وما لم تخل منك منازل الحظوظ لا تعمر بك مشاهد الحقوق.

قوله جل ذكره:

[[سورة التوبة (٩) : آية ٢٥]]

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥)

النصرة من الله تعالى فى شهود القدرة، والمنصور من عصمه الله عزّ وجلّ عن التوهّم والحسبان، ولم يكله إلى تدبيره فى الأمور، وأثبته الحقّ- سبحانه- فى مقام الافتقار متبريا عن الحول والمنّة، متحقّقا بشهود تصاريف القدرة، يأخذ الحقّ- سبحانه- بيده فيخرجه عن مهواة تدبيره، ويوقفه على وصف التصبّر لقضاء تقديره.

قوله جل ذكره: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ.

يعنى نصركم يوم حنين حين تفرّق أكثر الأصحاب، وافترت أنياب الكرّة عن نقاب القهر فاضطربت القلوب، وخانت القوى أصحابها، ولم تغن عنكم كثرتكم، فاستخلص الله أسراركم- عند صدق الرجوع إليه- بحسن السكينة النازلة عليكم، فقلب الله الأمر على

<<  <  ج: ص:  >  >>