عليه السلام يقوم بنفسه بخدمة الضيفان، فلمّا سلموا من جانبهم وردّ عليهم وانفضّوا عن تناول طعامه:
قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ.
وجلون أي خائفون، فإنّ الإمساك عن تناول طعام الكرام موضع للريبة. ولمّا علم أنهم ملائكة خاف أن يكونوا نزلوا لتعذيب قومه إذ كانوا مجرمين. ولكن سكن روعه عند ما قالوا له:
[[سورة الحجر (١٥) : آية ٥٣]]
قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٥٣)
فليس لك موضع للوجل لكن موضع للفرج فإنا جئناك مبشّرين، وإن كنّا لغيرك معذّبين.
نحن «نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ» : أي يعيش حتى يعلم، لأن الطفل ليس من أهل العلم، وكانت بشارتهم بالولد وببقاء الولد هى العجب فقال:
قال أبشرتموني وقد مسّنى الكبر؟ وإنّ الكبير قد فاته الوقت الذي يفرح فيه من الدنيا بشىء. بماذا تبشروني وقد طعنت فى السنّ، وعن قريب أرتحل إلى الآخرة؟ قالوا:
بشرناك بالحق فلا تكن من جملة من يقنط من رحمة الله، ولا يقنط من رحمة ربه إلا من كان ضالا.
قال: كيف أخطأ ظنكم فىّ فتوهمتم أنى أقنط من رحمة ربى؟
فلما فرغ قلبه من هذا الحديث، وعرف أنه لن يصيبه ضرر منهم سألهم عن حالهم: