للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما علمت أنه غير مستطيع له، إنك أنت العليم الحكيم أي ما تفعله فهو حقّ صدق ليس لأحد عليك حكم، ولا منك سفه وقبح.

قوله جلّ ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٣]]

قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)

من آثار العناية بآدم عليه السّلام أنّه لمّا قال للملائكة: «أَنْبِئُونِي» داخلهم من هيبة الخطاب ما أخذهم عنهم، لا سيما حين طالبهم بإنبائهم إياه ما لم تحط به علومهم. ولما كان حديث آدم عليه السّلام ردّه فى الإنباء إليهم فقال: «أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ» ومخاطبة آدم عليه السلام الملائكة لم يوجب له الاستغراق فى الهيبة. فلما أخبرهم آدم عليه السّلام بأسماء ما تقاصرت عنها علومهم ظهرت فضيلته عليهم فقال: «أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» يعنى ما تقاصرت عنه علوم الخلق، وأعلم ما تبدون من الطاعات، وتكتمون من اعتقاد الخيرية على آدم عليه السّلام والصلاة.

[فصل] ولمّا أراد الحق سبحانه أن ينجّى «١» آدم عصمه، وعلّمه، وأظهر عليه آثار الرعاية حتى أخبر بما أخبر به، وحين أراد إمضاء حكمه فيه أدخل عليه النسيان حتى نسى فى الحضرة عهده، وجاوز حدّه، فقال الله تعالى: «وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً» فالوقت الذي ساعدته العناية تقدم على الجملة بالعلم والإحسان، والوقت الذي أمضى عليه الحكم ردّه إلى حال النسيان والعصيان، كذا أحكام الحق سبحانه فيما تجرى وتمضى، ذلّ بحكمه العبيد، وهو فعّال لما يريد.

[فصل] ولمّا توهموا حصول تفضيلهم بتسبيحهم وتقديسهم عرّفهم أن بساط العز مقدس عن التجمل بطاعة مطيع أو التدنس بزلة جاحد عنيد، فردّهم إلى السجود لآدم أظهر الغناء عن كل وفاق وخلاف «٢» .


(١) وردت (ينجب) وهى بلا ريب خطأ فى النسخ ويمكن أن تكون ينجى آدم- كما أثبتنا- أو ينجو آدم، والأرجح ما اخترناه. [.....]
(٢) وردت (وخلاق) وهى خطأ فى النسخ، وقد اخترنا ما يلائم السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>