قوله جل ذكره: إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ بلاء كلّ واحد على ما يليق بحاله فمن كان بلاؤه بحديث النّفس أو ببقائه عن هواه، وبحرمانه لكرائمه فى عقباه فاسم البلاء فى صفته مجاز، وإنما هذا بلاء العوام. ولكنّ بلاء الكرام غير هذا فهو كما قيل:
من لم يبت- والحبّ ملء فؤاده ... لم يدر كيف تفتّت الأكباد
ليست واقعة القوم بخسران يصيبهم فى أموالهم، أو من جهة تقصيرهم فى أعمالهم ولما ضيّعوه من أحوالهم.. فهذه- لعمرى- وجوه وأسباب، ولكنّ سرّ القصة كما قيل:
أنا صب لمن هويت ولكن ... ما احتيالى بسوء رأى الموالي؟
قوله:«وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً» : لو شاء الله سعادتهم لرحمهم، وعن المعاصي عصمهم، وبدوام الذكر- بدل الغفلة- ألهمهم.. ولكن سبقت القسمة فى ذلك، وما أحسن ما قالوا: