وأفسدوا، فقصاراهم الخزي والهوان، وفنون من المحن وألوان ... كلما راموا من محنتهم خلاصا ازدادوا فيها انتكاسا، وكلما أمّلوا نجاة جرّعوا وزيدوا يأسا.
قوله جل ذكره:
[[سورة السجده (٣٢) : آية ٢١]]
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)
قوم عذابهم الأدنى محن الدنيا، والعذاب الأكبر لهم عقوبة العنبي.
وقوم العذاب الأدنى لهم فترة تتداخلهم في عبادتهم، والعذاب الأكبر لهم قسوة في قلوبهم تصيبهم.
وقوم العذاب الأدنى لهم وقفة في سلوكهم تنيبهم، والعذاب الأكبر لهم حجبة عن مشاهدهم تنالهم، قال قائلهم:
أدّبتنى بانصراف قلبك عنّى ... فانظر إليّ فقد أحسنت تأديبى «١»
ويقال العذاب الأدنى الخذلان في الزلة، والأكبر الهجران في الوصلة.
ويقال العذاب الأدنى تكدّر مشاربهم بعد صفوها، كما قالوا:
لقد كان ما بينى زمانا وبينه ... كما بين ريح المسك والعنبر الورد
ويقال العذاب الأكبر لهم تطاول أيام الغياب من غير تبين آخر لها، كما قيل:
تطاول نأينا يا نور حتى ... كأن نسجت عليه العنكبوت
قوله جل ذكره:
[[سورة السجده (٣٢) : آية ٢٢]]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢)
إذا نبّه العبد بأنواع الزّجر، وحرّك- لتركه حدود الوقاق- بصنوف من التأديب
(١) الشطر الأول غير موزون، والشطر الثاني من البسيط.