للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقوى الأولى على ذكر العقوبة في الحال والفكر في العمل خيره وشرّه «١» .

والتقوى الثانية تقوى المراقبة والمحاسبة، ومن لا محاسبة له في أعماله ولا مراقبة له في أحواله.. فعن قريب سيفتضح «٢» .

وعلامة من نظر لغده أن يحسن مراعاة يومه ولا يكون كذلك إلّا إذا فكّر فيما عمله فى أمسه والناس في هذا على أقسام: مفكّر في أمسه: ما الذي قسم له في الأزل؟ وآخر مفكّر فى غده: ما الذي يلقاه؟؟ وثالث مستقل بوقته فيما يلزمه في هذا الوقت فهو مصطلم عن شاهده موصول بربّه، مندرج في مذكوره «٣» لا يتطلّع لماضيه ولا لمستقبله، فتوقيت الوقت يشغله عن وقته «٤» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٩]]

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩)

تركوا طاعته فتركهم في العذاب وهو الخذلال حتى لم يتوبوا.. أولئك هم الفاسقون» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الحشر (٥٩) : آية ٢٠]]

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠)

لا يستوى أهل الغفلة مع أهل الوصلة.

وأصل كلّ آفة نسيان الربّ، ولولا النسيان لما حصل العصيان، والذي نسى أمر نفسه فهو الذي لا يجتهد في تحصيل توبته، ويسوّف فيما يلزمه به الوقت من طاعته.


(١) ويكون العبد فيها في مرحلة الغيبة (أي قبل السّكر) : فيما دام هناك وارد لثواب أو عقاب أو فكر فى حال أو مآل- فهذه في منازل السالكين دون المرحلة التالية.
(٢) تفيد هذه الإشارة في توضيح الفرق في الاصطلاح بين: المراقبة والمحاسبة.
(٣) لأن أقصى درجات الذكر أن يفنى الذاكر في المذكور، وقد اعتبرنا الأوصاف أسماء مفعول تعبيرا عن فناء الإرادة الإنسانية، وتجرد العبد من كل فعل في نفسه ولنفسه. [.....]
(٤) ولهذا يقولون: الصوفىّ ابن وقته ومعناه أنه مشتغل بما هو أولى به في الحال، قائم بما هو مطالب به فى الحين، مستسلم لما يبدوله من الغيب من غير اختيار له. ومن ساعده الوقت فالوقت له وقت، ومن ناكده الوقت فالوقت عليه مقت. (الرسالة ص ٣٤) .
(٥) سيعود القشيري لاتمام إشارة هذه الآية بعد الآية التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>