للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإشارات معه أوفر، قال صلّى الله عليه وسلّم» : أوتيت جوامع الكلم واختصر لى الكلام اختصارا» «١» .

وحين شاهدوا ظاهر تلك الآيات من فلق البحر وإغراق آل فرعون- داخلهم ريب فقالوا: إنه لم يغرق «٢» حتى قذفهم البحر، فنظر بنو إسرائيل إليهم وهم مغرقون. وهذه الأمة لفظ تصديقهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله، وقوة بصائرهم (أن) قال واحد من أفتاء «٣» الناس: «كأنى بأهل الجنة يتزاورون وكأنى بأهل النار يتعاوون وكأنى أنظر عرش ربى بارزا» «٤» فشتّان بين من يعاين فيرتاب مع عيانه، وبين من يسمع فكالعيان حاله من قوة إيمانه.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٥١]]

وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١)

شتّان بين أمة وأمة فأمّة موسى عليه السّلام- غاب نبيّهم عليه السّلام أربعين يوما فاتخذوا العجل معبودهم، ورضوا بأن يكون لهم بمثل العجل معبودا، فقالوا:

«هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ» «٥» وأمة محمد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم مضى من وقت نبيّهم سنون كثيرة فلو سمعوا واحدا يذكر فى وصف معبودهم ما يوجب تشبيها لما أبقوا على حشاشتهم ولو كان فى ذلك ذهاب أرواحهم «٦» .


(١) «إنما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لى الحديث اختصارا فلا يهلكنكم المتهوكون» البيهقي فى شعب الإيمان عن أبى قتادة مرسلا (المنتخب من كنز العمال ٤ ص ٣٠٢) .
والتهوك الاضطراب فى القول وأن يكون على غير استقامة.
(٢) الفعل بالمفرد هنا لأنه عائد على لفظ آل أو على فرعون، ثم تحدث بعد ذلك بالجمع حين أعاده على المعنى
(٣) إفتاء وفتاء جمع فتّى وهو الشاب من إنسان أو حيوان الوسيط ص ٦١٠.
(٤) خرّجتا هذا الحديث المروي عن حارثة فى هامش سبق.
(٥) سورة طه آية ٨٨.
(٦) يغمز القشيري هنا بالمشبهة، فيلحق من يقول بالتشبيه بعيدة العجل، فكلاهما توقح ونسب للالوهية ما ينبغى أن تتنزه عنه. وأهل السنة يرفضون رفضا قاطعا كل ما يشين الذات الإلهية من تصورات مادية.

<<  <  ج: ص:  >  >>