من رضى بالحظ الخسيس من عاجل الدنيا بقي عن نفيس الآخرة، ثم لا يحظى إلا بقدر ما اشتمّه، ثم يكون آنس ما به قلبا وأشدّ ما يكون به سكونا.. ثم يختطف عن نعمته، ولا يخصه بشىء مما جمع من كرائمه، ويمنعه من قربه فى الآخرة.. ولقد قيل:
علامة من أراد الآخرة- على الحقيقة- أن يسعى لها سعيها فإرادة الآخرة إذا تجرّدت عن العمل لها كانت مجرد إرادة، ولا يكون السعى مشكورا. قوله:«وَهُوَ مُؤْمِنٌ» : أي فى المآل كما أنه مؤمن فى الحال. ويقال وهو مؤمن أنّ نجاته بفضله لا بسببه.
«فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً» أي مقبولا، ومع القبول يكون التضعيف والتكثير فكما أن الصدقة يربيها كذلك طاعة العبد يكثّرها وينّميها.
التفضيل على أقسام، فالعبّاد فضّل بعضهم على بعض ولكن فى زكاء أعمالهم، والعارفون فضّل بعضهم على بعض ولكن فى صفاء أحوالهم، وزكاء الأعمال بالإخلاص، وصفاء الأحوال