للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي سوّلت له نفسه أمرا يتوهّم أنه على صواب، ثم يحمل صاحبه على موافقته في باطله، ويدّعى أنه على حقّ. وهو بهذا يضر بنفسه ويضر بغيره. ثم إذا ما انكشف- غدا- الغطاء تبيّن صاحبه خيانته، وندم على صحبته، ويقول: «يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا» «١» و «يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ» . ولكنّ هذه الندامة لا تنفع حينئذ لأنّ الوقت يكون قد فات، لهذا قال تعالى:

وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ قوله جل ذكره:

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٤٠]]

أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠)

هذا الاستفهام فيه معنى النفي أي أنه ليس يمكنك هداية من سددنا بصيرته، ولبّسنا عليه رشده، ومن صببنا في مسامع فهمه رصاص الشقاء والحرمان.. فكيف يمكنك إسماعه؟! قوله جل ذكره:

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٤١]]

فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١)

يعنى: إن انقضى أجلك ولم يتفق لك شهود ما نتوعّدهم به فلا تتوهّم أنّ صدق كلامنا يشوبه مين «٢» ، فإنّ ما أخبرناك عنه- لا محالة- سيكون.

قوله جل ذكره:

[[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٤٢]]

أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢)

أثبته على حدّ الخوف «٣» والرجاء، ووقفه على وصف التجويز لاستبداده «٤» - سبحانه


(١) آية ٢٨ سورة الفرقان.
(٢) في م (مبين) وهي خطأ في النسخ إذ الصواب (المين) أي الكذب.
(٣) فى ص (الحزن) : لكننا آثرنا عليها ما جاء في م فالخوف- لا الحزن- يقابل الرجاء في المصطلح الصوفي (أنظر رسالة القشيري ص ٣٥) .
(٤) استبد بالأمر- انفرد به (الوسيط) .

<<  <  ج: ص:  >  >>