فقال يعقوب، يا بنىّ إنّ هناك طرقا، خفت أن اسلك طريقا وأنت تسلك طريقا، فقال يوسف عند ذلك:«تَوَفَّنِي مُسْلِماً» .
ويقال إن يوسف- عليه السلام- لما قال: توفنى مسلما، فلا يبعد من حال يعقوب أن لو قال: يا بنى دعني أشتفى بلقائك من الذي منيت به فى طول فراقك، فلا تسعنى- بهذه السرعة- قولك: توفّني مسلما.
تبيّن للكافة أن مثل هذا البيان لهذه القصة على لسان رجل أمي لا يكون إلا بتعريف سماوىّ ويقال كون الرسول- صلى الله عليه وسلم- أمّيّا فى أول أحواله علامة شرفه وعلوّ قدره فى آخر أحواله، لأنّ صدقه فى أن هذا من قبل الله إنما عرف بكونه أميا، ثم أتى بمثل هذه القصة من غير مدارسة كتاب.
ويقال معناه: أقمتك شاهدا لإرادة إيمانهم، وشدّة الحرص على تحقّقهم بالدّين، وإيقانهم. ثم إنّى أعلم أنهم لا يؤمن أكثرهم، وأخبرتك بذلك، وفرض عليك تصديقى بذلك، وفرضت عليك إرادتى كون ما علمت أنه لا يكون من إيمانهم.