للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ.

أي أجيبوا لأمر الله، ولا تطيعوا دواعى مناكم والحكم بمقتضى أحوالكم، وابتغوا إيثار رضاء الحقّ على مراد النّفس، وأصلحوا ذات بينكم، وذلك بالانسلاخ عن شحّ النّفس، وإيثار حقّ الغير على ما لكم من النصيب والحظّ، وتنقية القلوب عن خفايا الحسد والحقد.

قوله جل ذكره: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ:

أي فى الإجابة إلى ما يأتيكم من الإرشاد.

قوله جل ذكره: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.

أي سبيل المؤمن ألا يخالف هذه الجملة.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٢]]

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)

الوجل شدّة الخوف، ومعناه هاهنا أن يخرجهم الوجل عن أوطان الغفلة، ويزعجهم عن مساكن الغيبة. فإذا انفصلوا عن أودية التفرقة وفاءوا إلى مشاهد الذكر نالوا السكون إلى الله- عز وجل فيزيدهم ما يتلى عليهم من آياته تصديقا على تصديق، وتحقيقا على تحقيق.

فإذا طالعوا جلال قدره، وأيقنوا قصورهم عن إدراكه، توكلوا عليه فى إمدادهم بالرعاية فى نهايتهم، كما استخلصهم بالعناية فى بدايتهم.

ويقال سنّة الحقّ- سبحانه- مع أهل العرفان أن يردّدهم بين كشف جلال ولطف جمال، فإذا كاشفهم بجلاله وجلت قلوبهم، (وإذا لاطفهم بجماله سكنت قلوبهم، قال الله تعالى: «وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بذكر الله» . ويقال وجلت قلوبهم) «١» بخوف فراقه، ثم تطمئن وتسكن أسرارهم بروح وصاله. وذكر الفراق يفنيهم وذكر الوصال يصحيهم ويحييهم.


(١) ما بين القوسين مذكور فى الهامش أثبتناه فى موضعه من النص حسب العلامة المميزة.

<<  <  ج: ص:  >  >>