للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاد آدم، وكيف أن الشيطان يوسوس لهم ... ثم يقولون إن الحقّ سبحانه أراد خلاف ما علم، وأجرى فى سلطانه ما يكرهه وهو عالم، وكان عالما بما سيكون! ثم خلق إبليس ومكّنه من هذه المعاصي مع إرادته ألا يكون ذلك! ويدّعون حسن ذلك فى الفعل اعتبارا انما هو الحكمة ... فسبحان من أعمى بصائرهم، وعمّى حقيقة التوحيد عليهم! قوله جل ذكره:

[[سورة طه (٢٠) : آية ١١٧]]

فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧)

وما كان ينفعهم النّصح وقد أراد بهم ما حذّرهم، وعلم أنهم سيلقون ما خوّفهم به.

قوله: «فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى» : علم أنهم سيلقون ذلك الشقاء: وأمّا إنّه أضاف الشقاء إلى آدم وحده- وكلاهما لحقه شقاء الدنيا- فذلك لمضارعة رءوس الآي، أو لأن التعب على الرجال دون النساء. ومن أصغى إلى قول عدوّه فإنه يتجرّع النّدم ثم لا ينفعه.

قوله جل ذكره:

[سورة طه (٢٠) : الآيات ١١٨ الى ١١٩]

إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (١١٩)

لا تصديق أتمّ من تصديق آدم، ولا وعظ أشدّ رحمة من الله، ولا يقين أقوى من يقينه.. ولكن ما قاسى آدم الشقاء قبل ذلك، فلمّا استقبله الأمر وذاق ما خوّف به من العناء والكدّ ندم وأطال البكاء، ولكن بعد إبرام التقدير.

«وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى» أوثر بكل وجه فلم يعرف قدر العافية والسلامة، إلى أن جرى ما هو محكوم به من سابق القسمة.

ويقال تنعّم آدم فى الجنة ولم يعرف قدر ذلك إلى حين استولى فى الدنيا عليه الجوع والعطش، والبلاء من كل ( ... ) «١»


(١) هنا طمس أخفى لفظة فى نهاية السطر وهى أقرب إلى أن تكون (فن) ونحن نتقبلها، فالقشيرى يستعملها فى مواضع مماثلة (أنظر مثلا استعماله (فنون الخذلان) عند تفسير الآية التي ستأتى بعد قليل: ومن اعرض عن ذكرى ... ) ، و (فن) تكون بمعنى (نوع) كما سيأتى فى العبارة التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>