للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجنبنا أن نعبد الأصنام لتكون النعمة كاملة. وفى قوله: «إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ» ..

إشارة إلى هذه الجملة.

قوله جل ذكره:

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٤٠ الى ٤١]

رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١)

فى قوله: «رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ..» إشارة إلى أن أفعال العباد مخلوقة، فمعناه اجعل صلاتى، والجعل والخلق بمعنى، فإذا جعله مقيم الصلاة فمعناه أن يجعل له صلاة.

وقوله: «وَمِنْ ذُرِّيَّتِي» : أي اجعل منهم قوما يصلّون، لأنه أخبره فى موضع آخر بقوله: «لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» «١» ثم قال: «رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ» وهذ قبل أن يعلم أنه لا يؤمن.

ويقال إن إجابة الدعاء ابتداء فضل منه. ولا ينبغى للعبد أن يتّكل على دعاء أحد وإن كان علىّ الشأن، بل يجب أنّ يعلق العبد قلبه بالله فلا دعاء أتمّ من دعاء إبراهيم عليه السلام، ولا عناية أتمّ من عنايته بشأن أبيه، ثم لم ينفعه ولا شفع الله له.

ويقال لا ينبغى للعبد أن يترك دعاءه أو يقطع رجاءه فى ألا يستجيب الله دعاءه، فإن إبراهيم الخليل عليه السلام دعا لأبويه فلم يستجب له، ثم إنه لم يترك الدعاء، وسأل حينما لم يجب فيه.

فلا غضاضة على العبد ولا تناله مذلّة إن لم يجبه مولاه فى شىء فإنّ الدعاء عبادة لا بدّ للعبد من فعلها، والإجابة من الحقّ فضل، وله أن يفعل وله ألا يفعل.

قوله جل ذكره:

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]

وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣)

هذا وعيد للظالمين وتسلية للمظومين فالمظلوم إذا تحقّق بأنه- سبحانه- عالم بما يلاقيه من البلاء هانت على قلبه مقاساته، وحق عليه تحمله.


(١) آية ١٢٤ سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>