للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إرادتهم، فإنّ لأقدام المريدين المرفوعة لأجل الله حرمة عند الله، ولأيامهم الخالية فى حال تردّدهم، ولياليهم الماضية فى طلبه وهم فى حرقة تحيّرهم.. مقادير عند الله. وقيل:

من ينس دارا قد تخونها ... ريب الزمان فإنى لست أنساكا

وقيل:

تلك العهود تشدّها لتحلّها ... عندى كما هى عقدها لم يحلل

قوله جل ذكره:

[[سورة يونس (١٠) : آية ٣]]

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣)

لا يحتاج فعله إلى مدّة، وكيف ذلك ومن جملة أفعاله الزمان والمدة؟ فخلق السماوات والأرض فى ستة أيام، وتلك الأيام أيضا من جملة ما خلق الله سبحانه وتعالى.

«ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ» أي توحّد بجلال الكبرياء بوصف الملكوت. وملوكنا إذا أرادوا التجلّى والظهور للحشم والرعية برزوا لهم على سرير ملكهم فى ألوان مشاهدهم.

فأخبر الحقّ- سبحانه- بما يقرب من فهم الخلق ما ألقى إليهم من هذه الجملة: استوى على العرش، ومعناه اتصافه بعز «١» الصمدية وجلال الأحدية، وانفراده بنعت الجبروت وعلاء الربوبية، تقدّس الجبّار عن الأقطار، والمعبود عن الحدود.

«يُدَبِّرُ الْأَمْرَ» : أي الحادثات صادرة عن تقديره، وحاصلة بتدبيره، فلا شريك يعضده، وما قضى فلا أحد يردّه. «ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ» : هو الذي ينطق من يخاطبه، وهو الذي يخلق ما يشاء على من يشاء إذا التمس يطالبه.

«ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ» : تعريف وقوله: «فَاعْبُدُوهُ» : تكليف فحصول التعريف بتحقيقه، والوصول إلى ما ورد به التكليف بتوفيقه.


(١) وردت (بغير) الصمدية وهى خطأ فى النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>