للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أن الإرادات والهمم تختلف فى الدنيا فكذلك فى الآخرة، وفى الخبر: «من كان بحالة لقى الله بها» فمن مريد يكتفى من الجنة بورودها، ومن مريد لا يكتفى من الجنة دون شهود ربّ الجنة.

ويقال إذا شاءوا أن يعودوا إلى ما فاتهم من قصورهم، وما وجدوا فى ذلك من صحبة اللّعين «١» فى سائر أحوالهم وأمورهم يسلم لهم ذلك، ومن شاء أن تدوم رؤيته، ويتأبّد سماع خطابه فلهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد، وهو ما لم يخطر ببال أحد.

قوله جل ذكره:

[[سورة النحل (١٦) : آية ٣٢]]

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢)

يقبض أرواحهم طيبة. أو يقال «طَيِّبِينَ» حال.

والأسباب التي تطيب بها قلوبهم وأرواحهم مختلفة، فمنهم من طاب وقته لأنه قد غفرت ذنوبه، وسترت عيوبه، ومنهم من طاب قلبه لأنه سلّم عليه محبوبه، ومنهم من طاب قلبه لأنه لم يفته مطلوبه.

ومنهم من طاب وقته لأنه يعود إلى ثوابه، ويصل إلى حسن مآبه.

ومنهم من يطيب قلبه لأنه أمن من زوال حاله، وحظى بسلامة مآله «٢» ، ومنهم من يطيب قلبه لأنه وصل إلى أفضاله، وآخر لأنه وصل إلى لطف جماله، وثالث لأنه خصّ بكشف جلاله- قد علم كلّ أناس مشربهم.

ويقال «تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ» طيبة نفوسهم أي طاهرة من التدنّس بالمخالفات، وطاهرة قلوبهم عن العلاقات، وأسرارهم عن الالتفات إلى شىء من المخلوقات.


(١) اللعين مقصود به إبليس.
(٢) وردت (ماله) والملائم هنا أن تكون (مآله) .

<<  <  ج: ص:  >  >>