للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس هذا كنعيم الدنيا وسعة الأرزاق فيها، فهى لا ادّخار لها عن أحد وإن كان كافرا، ولذلك:

قال جلّ ذكره: وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ.

فقال الله تعالى:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢٥ الى ١٢٦]

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)

يعنى ليس للدنيا من الخطر ما يمنعها عن الكفار، ولكن عهدى لا يناله إلا من اخترته من خواص عبادى.

أمّا الطعام والشراب فغير ممنوع من أحد.

أمّا الإسلام والمحاب فغير مبذول لكل أحد.

قوله جل ذكره: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً.

واذكر يا محمد حين جعلنا البيت- يعنى الكعبة- مثابة للناس إليه يثوبون، ومأمنا لهم إليه يرجعون، وإياه من كل نحو يقصدون.

هو بيت خلقته من الحجر ولكن أضفته إلى الأزل فمن نظر إلى البيت بعين الخلقة انفصل، ومن نظر إليه بعين الإضافة وصل واتصل «١» ، وكلّ من التجأ إلى ذلك البيت أمن من عقوبة الآخرة إذا كان التجاؤه على جهة الإعظام والاحترام، والتوبة عن الآثام.

ويقال بنى البيت من الحجر لكنه حجر يجذب القلوب كحجر المغناطيس يجذب الحديد.

بيت من وقع عليه ظلّه أناخ بعقوة «٢» الأمن.


(١) قارن رأى القشيري الصوفي الحريص بآراء بعض الصوفية الذين أوتوا حظا من الجرأة فى التعبير.
عن هذا الموضوع، من ذلك مثلا قول رابعة «لا أريد الكعبة بل رب الكعبة أما الكعبة فماذا أفعل بها ... ولم تشأ أن تنظر إليها (تذكرة الأولياء. العطار ج ١ ص ٦١) .
وقول الحلاج: «إن شوقنا إلى الله يجب أن يمحو عقليا فى نفوسنا صورة الكعبة، كيما نجد من أقامها «شخصيات قلقة فى الإسلام. د. بدوي ص ٦٨.
(٢) العقوة- الموضع المتسع أمام الدار أو المحلة أو حولهما (الوسيط ص ٦٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>