الذي داخلهم فيه الشّكّ كان بعث الخلق، فاحتجّ عليهم بما أراهم من إعادة فصول السّنة بعد تقضّيها على الوجه الذي كان في العام الماضي. وبيّن أن جمع أجزاء المكلّفين بعد انقضاض البنية كإعادة فصول السنة فكما أن ذلك سائغ في قدرته غير مستنكر فكذلك بعث الخلق.
وكما في فصول السنة تتكرر أحوال العبادة في الأحوال العامة المشتركة بين الكافة، وفي خواص أحوال المؤمنين من استيلاء شهوات النفوس، ثم زوالها، إلى موالاة الطاعات، ثم حصول الفترة، والعود إلى مثل الحالة الأولى، ثم بعد ذلك الانتباه بالتوبة.. كذلك تتكرر عليهم الأحوال.
وأرباب القلوب تتعاقب أحوالهم في القبض والبسط ثم في الهيبة والأنس، ثم في التجلي والسّتر، ثم في البقاء والفناء، ثم في السكر «١» والصحو.. وأمثال هذا كثير. وفي هذا المعنى قوله:
أجناس ما يعذّب به عباده وأنواع ما يرجم به عباده.. لا نهاية لها ولا حصر فمن ذلك أنه يعذّب من يشاء بالخذلان، ويرحم من يشاء بالإيمان. يعذّب من يشاء بالجحود والعنود،
(١) وردت في ص (الشك) وفي م (السكر) والصواب هذه لأنها تلاثم السياق.. فالسكر والصحو حالان من أحوال الفناء.