النكرة للعارفين، وشفاء من لواعج الشوق للمحبين، وشفاء من داء الشطط للمريدين والقاصدين، وأنشدوا:
وكتبك حولى لا تفارق مضجعى ... وفيها شفاء للذى أنا كاتم
قوله:«وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً» : الخطاب خطاب واحد، والكتاب كتاب واحد، ولكنه لقوم رحمة وشفاء، ولقوم سخط وشقاء. قوم أنار بصائرهم بنور التوحيد فهو لهم شفاء، وقوم أغشى على بصائرهم بستر الجحود فهو لهم شقاء.
إذا نزعنا عنه موجبات الخوف، وأرخينا له حبل الإمهال، وهيّأنا له أسباب الرفاهية اعترته مغاليط النسيان، واستولت عليه دواعى العصيان، فأعرض عن الشكر، وتباعد عن بساط الوفاق.
ويقال إعراضه فى هذا الموضوع نسيانه، ورؤية الفضل منه لا من الحقّ، وتوهمه أنّ ما به من النّعم فباستحقاق طاعة أخلصها أو شدة قاساها.. وهذا فى التحقيق شرك.
كلّ يترشح بمودع باطنه، فالأسرّة تدل على السريرة، وما تكنّه الضمائر يلوح على السرائر، فمن صفا من الكدورة جوهره لا يفوح منه إلا نشر مناقبه، ومن طبعت على الكدورة طينته فلا يشمّ من يحوم حوله إلا ريح مثالبه.