للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاطب الحقّ- سبحانه- فى باب ابنه، واستعطف فى السؤال فقال:

«إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي» : فقال له: إنّه ليست من أهل الوصلة قسمته- وإن كان من أهلك نسبا ولحمة، وإنّ خطابك فى بابه عمل غير صالح، أو إنه أيضا عمل غير صالح «١» .

«فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» : أي سترت غيبى فى حال أوليائى وأعدائى، فلا يعلم سرّ تقديرى.

قوله: «إِنِّي أَعِظُكَ» : وذلك لحرمة شيخوخته وكبره، ولأنه لم يستجب له فى ولده، فتدارك بحسن الخطاب قلبه.

وقيل إن ابن نوح بنى من الزجاج بيتا وقت اشتغال أبيه باتخاذ السفينة، فلما ركب نوح السفينة دخل ابنه فى البيت الذي اتخذه من الزجاج، ثم إن الله تعالى سلّط عليه البول حتى امتلأ بيت الزجاج من بوله فغرق الكلّ فى ماء البحر، وغرق ابن نوح فى بوله! ليعلم أنه لا مفرّ من القدر.

قوله جل ذكره:

[[سورة هود (١١) : آية ٤٧]]

قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٤٧)

نسى نوح- عليه السلام- حديث ابنه فى حديث نفسه، فاستعاذ بفضله واستجار بلطفه، فوجد السلامة من ربّه فى قوله جل ذكره

[[سورة هود (١١) : آية ٤٨]]

قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٨)

طهّر وجه الأرض من أعدائه، وحفظ نوحا عليه السلام من بلائه، هو ومن معه من أصدقائه وأقربائه.


(١) وعلى هذا الرأى تكون نجاة قوم نوح بسبب عملهم الصالح لا بسبب قرابتهم له.

<<  <  ج: ص:  >  >>