علم الله أن الكلّ من عباده لا يجد التحرر من أحكام النّفس، ولا يتمكن من محاسن الخلق فرخّص لهم في المكافأة على سبيل العدل والقسط- وإن كان الأولى بهم الصفح والعفو.
«إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ..» : السبيل بالملامة لمن جاوز الحدّ، (وعدا الطّور) «١» ، وأتى غير المأذون له من الفعل.. فهؤلاء لهم عذاب أليم.
قوله جل ذكره:
[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٤٣]]
وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلك لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)
صبر على البلاء من غير شكوى، وغفر- بالتجاوز عن الخصم- ولم تبق لنفسه عليه دعوى، بل يبرىء خصمه من كل دعوى، فى الدنيا والعقبى.. فذلك من عزم الأمور.
قوله جل ذكره:
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦)
إنّ الذين أضلّهم الله، وأعمى أبصارهم وبصائرهم، وأوقعهم في كدّ عقوبتهم، وحرمهم برد الرضا لحكم ربّهم ليس لهم وليّ من دون الله، ولا مانع لهم من عذابه. وتراهم إذا رأوا العذاب يطلبون منه النجاة فلا ينالونها.
وتراهم يعرضون على النار وهم خاشعون من الذّلّ لا تنفعهم ندامة، ولا تسمع منهم دعوة، ويعيّرهم المؤمنون بما ذكّروهم به فلا يسمعون، فاليوم لا ناصر ينصرهم، ولا راحم يرحمهم.
قوله جل ذكره:
[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٤٧]]
اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧)
الاستجابة لله الوفاء بعهده، والقيام بحقّه، والرجوع عن مخالفته إلى موافقته، والاستسلام
(١) فى ص (وعد) وهي خطأ في النسخ. ويقال عدا وتعدى الطور أي جاوز حدّه وقدره (الوسيط) .