للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد صاحبه على مناهل التحقيق، وإذا حصل الشهود والحضور سما صاحبه عن الفكر إلى حدود الذكر، فالذكر سرمد «١» .

ثم فكر الزاهدين فى فناء الدنيا وقلة وفائها لطلابّها فيزدادون بالفكرة زهدا فيها.

وفكر العابدين فى جميل الثواب فيزدادون نشاطا عليه ورغبة فيه.

وفكر العارفين فى الآلاء والنعم فيزدادون محبة للحق سبحانه.

قوله جل ذكره: سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ.

التسبيح يشير إلى سبح الأسرار فى بحار التعظيم.

قوله جل ذكره:

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩٢]]

رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩٢)

من ابتليته فى الآجل بالحرقة فقد أخزيته، ومن ابتليته بالفرقة فى العاجل فقد أشقيته، ومن أوليته بيمن الوصلة فقد آويته وأدنيته.

قوله جل ذكره:

[[سورة آل عمران (٣) : آية ١٩٣]]

رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٣)

يعنى أجبنا الداعي ولكن أنت الهادي، فلا تكلنا إلينا، ولا ترفع ظلّ عنايتك عنّا.

والإيمان الدخول فى موجبات الأمان، وإنما يؤمن بالحق من أمّنه الحق، فأمان الحق للعبد- الذي هو إجارته- يوجب إيمان العبد بالحق الذي هو تصديقه ومعرفته.


(١) [سأل أبو عبد الرحمن السلمى الشيخ الدقاق. آلذكر أتم أم الفكر؟
فقال الدقاق: ما الذي يقع لك منه؟
فأجاب السلمى: عندى الذكر أتم من الفكر لأن الحق سبحانه يوصف بالذكر ولا يوصف بالفكر وما وصف به الحق سبحانه أتم مما اختص به الخلق فاستحسنه الدقاق] الرسالة ص ١١١.
وقد ذكرنا هذه الرواية هنا: اولا لتوضح الفرق بين الذكر والفكر وثانيا لتبرز قول القشيري:
(الذكر سرمد) أي مستدام.

<<  <  ج: ص:  >  >>