للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«البلاء الحسن» : توفيق الشكر فى المنحة، وتحقيق الصبر فى المحنة، وكل ما يفعله الحقّ فهو حسن من الحقّ لأنّ له أن يفعله. وهذه حقيقة الحسن: وهو ما للفاعل أن يفعله «١» ويقال حسن البلاء لأنه منه و ( ... ) «٢» البلاء لأنه فيه.

ويقال البلاء الحسن أن تشهد المبلى فى عين البلاء.

ويقال البلاء الحسن ما لا دعوى لصاحبه إن كان نعمة، ولا شكوى إن كان محنة.

ويقال البلاء الحسن ما ليس فيه ضجر إن كان عسرا، ولا بطر إن كان يسرا.

ويقال بلاء كلّ أحد على حسب حاله ومقامه فأصفاهم ولاء أوفاهم بلاء، قال عليه السّلام:

«أشدّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل» «٣» قوله جل ذكره: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

تنفيس لقوم وتهديد لقوم أصحاب الرّفق يقول لهم إن الله «سَمِيعٌ» لأنينكم فيروّح عليهم بهذا وقتهم، ويحمل عنهم ولاءهم «٤» ، وأنشدوا:

إذا ما تمنّى الناس روحا وراحة ... تمنيت أن أشكو إليك فتسمعا

وقالوا:

قل لى بألسنة التّنفس ... كيف أنت وكيف حالك؟

وأمّا الأكابر فلا يؤذن لهم فى التّنفّس، وتكون المطالبة متوجّهة عليهم بالصبر، والوقوف تحت جريان التقدير من غير إظهار ولا شكوى، فيقول: لو ترشح منك ما كلّفت بشربه توجّهت عليك الملامة، فإن لم يكن منك بيان فإنّى سميع لقالتك، عليم بحالتك.


(١) لاحظ الفرق بين (وهو ما للفاعل أن يفعله) في مسألة الحسن فقد جعل فعل الحسن حقا لله وبين (عليه أن يفعله) عند المعتزلة إذ جعلوه واجبا عليه.
(٢) مشتبهة.
(٣) رواه الترمذي، وقال حسن صحيح، وابن ماجه، والحاكم عن سعد بن أبى وقاص. والإمام أحمد والنسائي وابن ماجه والدارمي من حديث عاصم. والطبراني من حديث فاطمة.
(٤) ربما كانت فى الأصل (بلاءهم) فذلك يناسب التنفيس والترويح والرفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>