هم مساوبون عنهم، مختطفون منهم، مستهلكون فيما كوشفوا به من وجود الحق فظاهرهم- فى رأى الخلق- أنهم بأنفسهم، وفى التحقيق: القائم عنهم غيرهم. وهم محو فيما كوشفوا به من الحقائق.
ثم قال:«وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ» : وهذا إخبار عن حسن إيوائه لهم فلا كشفقة الأمهات بل أتم، ولا كرحمة الآباء بل أعزّ ... وبالله التوفيق.
ويقال إن أهل التوحيد صفتهم ما قال الحقّ- سبحانه- فى صفة أصحاب الكهف:
«وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ» فهم بشواهد الفرق فى ظاهرهم، لكنهم بعين الجمع بما كوشفوا به فى سرائرهم، يجرى عليهم أحوالهم وهم غير متكلّفين، بل هم يثبتون- وهم خمود عما هم به- أن تصرفاتهم القائم بها عنهم سواهم، وكذلك فى نطقهم «١» .
قوله جل ذكره: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ. ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً كما ذكرهم ذكر كلبهم، ومن صدق فى محبة أحد أحبّ من انتسب إليه وما ينسب إليه.
ويقال كلب خطا مع أحبائه خطوات فإلى القيامة يقول الصبيان- بل الحق يقول بقوله العزيز-: «وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ....» فهل ترى أنّ مسلما يصحب أولياءه من وقت شبابه إلى وقت مشيبه يردّه يوم القيامة خائبا.؟ إنه لا يفعل ذلك.
ويقال فى التفاسير إنهم قالوا للراعى الذي تبعهم والكلب معه: اصرف هذا الكلب عنّا ... فقال الراعي: لا يمكننى، فإنى أنا دينه.
ويقال أنطق الله سبحانه- الكلب فقال لهم: لم تضربوننى؟
فقالوا: لتنصرف عنّا.
فقال: لا يمكننى أن أنصرف.. لأنه ربّانى.
ويقال كلب بسط يده على وصيد الأولياء فإلى القيامة يقال «وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ»
(١) فنطق العبد الواله وتصرفه يكونان بالله.... تذكر قصة الحلاج.