للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلِيلًا، ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.

الأمر فى الظاهر بتطهير البيت، والإشارة من الآية إلى تطهير القلب.

وتطهير البيت بصونه عن الأدناس والأوضار، وتطهير القلب بحفظه عن ملاحظة الأجناس والأغيار.

وطواف الحجاج حول البيت معلوم بلسان الشرع، وطواف المعاني معلوم لأهل الحق فقلوب العارفين المعاني فيها طائفة، وقلوب الموحّدين الحقائق فيها عاكفة، فهؤلاء أصحاب التلوين «١» وهؤلاء أرباب التمكين.

وقلوب القاصدين بملازمة الخضوع على باب الجود أبدا واقفة.

وقلوب الموحّدين على بساط الوصل أبدا راكعة.

وقلوب الواجدين على بساط القرب أبدا ساجدة.

ويقال صواعد نوازع الطالبين بباب الكرم أبدا واقفة، وسوامى قصود المريدين بمشهد الجود أبدا طائفة، ووفود همم العارفين بحضرة العزّ أبدا عاكفة.

قوله جل ذكره: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً.

السؤال إذا لم يكن مشوبا بحظّ العبد كان مستجابا، ولم يكن سؤال إبراهيم هذا لحظّ نفسه، وإنما كان لحقّ ربّه عزّ وجلّ.

ولمّا حفظ شرط الأدب طلب الرزق لمن آمن منهم على الخصوص أجيب فيهم


(١) وردت (التكوين) وهى خطأ من الناسخ، والصحيح أنها (التلوين) .
والتلوين والتمكين لفظان اصطلاحيان: (التلوين صفة ارباب الأحوال والتمكين صفة أهل الحقائق، فما دام العبد فى الطريق فهو صاحب تلوين لأنه يرتقى من حال إلى حال، وينتقل من وصف إلى وصف وهو أبدا فى الزيادة أما صاحب التمكين فوصل ثم اتصل، وأمارة أنه اتصل أنه بالكلية عن كليته بطل.
والتغير بما يرد على العبد إما لقوة الوارد او لضعف صاحبه، والسكون إما لقوته أو لضعف الوارد عليه) الرسالة ص ٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>