للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» فى اعتدال قامته، وحسن تركيب أعضائه. وهذا يدل على أنّ الحقّ- سبحانه- ليس له صورة ولا هيئة لأنّ كلّ صفة اشترك فيها الخلق والحقّ فالمبالغة للحقّ ... كالعلم، فالأعلم الله، والقدرة: فالأقدر الله فلو اشترك الخلق والخالق في التركيب والصورة لكان الأحسن في الصورة الله ... فلمّا قال: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» علم أنّ الحقّ- سبحانه- منزّه عن التقويم وعن الصورة. «١»

قوله جل ذكره: «ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» أي: إلى أرذل العمر وهو حال الخرف «٢» والهرم.

ويقال: «أَسْفَلَ سافِلِينَ» : إلى النار والهاوية في أقبح صورة فيكون أوّل الآية عامّا وآخرها خاصّا بالكفّار ... كما أنّ التأويل الأول- الذي هو حال الهرم- خاصّ في البعض إذ ليس كلّ الناس يبلغون حال الهرم.

«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» أي: غير منقوص.

ويقال: «ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» أي: إلى حال الشقاوة والكفر إلّا المؤمنين.

قوله جل ذكره: «فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ» أيها الإنسان.. مع كل هذا البرهان والبيان؟

«أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ» ؟


(١) فى هذا ردّ جميل مقنع على المشبهة، وعلى كل ذى تصور وهمي للألوهية.
(٢) الخرف- فساد العقل بسبب كبر السنّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>