تاقت أنفسهما إلى أن يكونا ملكين- لا لأن رتبة الملائكة كانت أعلى من رتبة آدم عليه السّلام- ولكن لانقطاع الشهوات والمنى عنهما.
ويقال لمّا طمعا فى الخلود وقعا فى الخمود، ووقعا فى البلاء والخوف وأصل كلّ محنة الطمع.
ويقال إذا كان الطمع فى الجنة- وهى دار الخلود- أوجب كلّ تلك المحن فالطمع فى الدنيا- التي هى دار الفناء- متى يسلم صاحبه من ذلك؟ ويقال إن يكونا إنما ركنا إلى الخلود فلا لنصيب أنفسهما، ولكن لأجل البقاء مع الله تعالى، وهذا أولى لأنه يوجب تنزيه محلّ النبوة. وقيل ساعات الوصال قصيرة وأيام الفراق طويلة، فما لبثا فى دار الوصلة إلّا بعضا من النهار دخلا ضحوة النهار وخرجا نصف النهار! ويقال إن الفراق عين تصيب أهل الوصلة، وفى معناه قال قائلهم:
إن تكن عين أصابتك فما ... إلا لأنّ العين تصيب الحسنا
ويقال حين تمّت لهما أسباب الوصلة، ووطّنا نفوسهما على دوام القربة بدا الفراق من مكامنه فأباد من شملهما (ما)«١» انتظم، كما قيل: