للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله جل ذكره: الْحامِدُونَ هم الشاكرون له على وجود أفضاله، المثنون عليه عند شهود جلاله وجماله.

ويقال الحامدون بلا اعتراض على ما يحصل بقدرته، وبلا انقباض عما يجب من طاعته.

ويقال الحامدون له على منعه وبلائه كما يحمدونه على نفعه وعطائه.

ويقال الحامدون إذا اشتكى من لا فتوّة «١» له المادحون إذا بكى من لا مروءة له.

ويقال الشاكرون له إن أدناهم، الحامدون له إن أقصاهم.

قوله جل ذكره: السَّائِحُونَ الصائمون ولكن عن شهود غير الله، الممتنعون عن خدمة غير الله، المكتفون من الله بالله.

ويقال السائحون الذين يسيحون فى الأرض على جهة الاعتبار طلبا للاستبصار، ويسيحون بقلوبهم فى مشارق الأرض ومغاربها بالتفكّر فى جوانبها ومناكبها، والاستدلال بتغيّرها على منشئها، والتحقق بحكمة خالقها بما يرون من الآيات فيها، ويسيحون بأسرارهم فى الملكوت فيجدون روح الوصال، ويعيشون بنسيم الانس بالتحقق بشهود الحق.

قوله جل ذكره: الرَّاكِعُونَ الخاضعون لله فى جميع الأحوال بخمودهم تحت سلطان التجلّى، وفى الخبر. «إن الله ما تجلّى لشىء إلا خشع له» .

وكما يكون- فى الظاهر- راكعا يكون فى الباطن خاشعا، ففى الظاهر بإحسان الحقّ إليه يحسن تولّيه، وفى الباطن كالعيان للعيان للحقّ بأنوار تجلّيه.

قوله جل ذكره السَّاجِدُونَ فى الظاهر بنفوسهم على بساط العبودية، وفى الباطن بقلوبهم عند شهود الربوبية.


(١) سأل شقيق البلخي جعفر بن محمد عن الفتوة فقال: ما تقول أنت؟ فقال شقيق: إن أعطينا شكرنا وإن منعنا صبرنا، فقال جعفر: الكلاب عندنا بالمدينة كذلك تفعل! فقال شقيق: وما الفتوة عندكم؟ فقال: إن أعطينا آثرنا، وإن منعفا شكرنا (الرسالة ص ١١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>