(لو تصورت النفخ في الصور والسماء تتغير وتمور، والنجوم تنكدر وتغور والصراط ممدود ولا بد من عبور، وأنت متحير في الأمور، تبكي على خلاف المأمور ستحاسب على الأيام والشهور، وترى ما فعلته من فجور، في النهار والديجور، ستحزن بعد السرور على تلك الشرور، إذا وفيت الأجور وبان المواصل من المهجور، ونجا المخلصون دون أهل الزور، تصلي ولكن بلا حضور، وتصوم والصوم بالغيبة مغمور، لو أردت الوالدان والحور، لسألتهم وقت السحور، كم يتلطف بك الله يا نقور، كم ينعم عليك يا كفور، كم بارزت بالقبيح الرحيم الغفور.
(كم ليلة سهرتها في الذنوب، كم خطيئة أمليتها في المكتوب، كم صلاة تركتها مهملاً للوجوب، كم أسبلت ستراً على عتبة عيوب، يا أعمى القلب بين القلوب، ستدري دمع من يجري ويذوب، ستعرف خبرك عند الحساب والمحسوب، أين الفرار وفي كف الطالب المطلوب، تنبه للخلاص أيها المسكين، أعتق نفسك من الرق يا رهين، اقلع أصل الهوى فعرق الهوى مكين، احذر غرور الدنيا فما للدنيا يمين، يا دائم المعاصي سجن الغفلة سجين، تثب على الخطايا ولا وثبة تنين، كأنك بالموت قد برز من كمين، وآن الأمر فوقعت في الأنين، واستبنت أنك في أحوال عنين، كيف ترى حالك إذا عبثت
الشمال باليمين، ثم نقلت ولقبت بالميت الدفين، وا أسفا لِعِظَمِ حَيْرَتِك ساعة التلقين، يا مستورا على الذنوب غداً تنجلى وتبين، متى هذا القلب القاسي يرعوي ويلين، عجبا لقسوته وهو مخلوق من طين.
(ويح العصاة لقد عجلوا، لو تأملوا العواقب ما فعلوا، أين ما شربوا أين ما أكلوا بماذا يجيبون إذا أحضروا وسئلوا (فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوَاْ)
(ما نفعتهم لذاتهم إذ خرجت ذواتهم لقد جمعت زلاتهم فحوتها مكتوباتهم فلما عاينوا أفعالهم خجلوا (فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوَاْ)
(فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوَاْ) ذهبت من أفواههم الحلاوة وبقيت آثار الشقاوة وحطوا إلى الحضيض من أعلى رباوة وحملوا عدلي الموت والفوت والحسرة علاوة فأعجزهم والله ما حملوا (فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوَاْ)
(اجتمعت كلمة إلى نظرة، إلى خاطر قبيح وفكرة، في كتاب يحصى حتى الذرة، والعصاة عن المعاصي في سكرة، فجنوا من جنى ما جنوا ثمار ما غرسوه (أَحْصَاهُ اللّهُ وَنَسُوهُ)
(كم تنعم بمال المظلوم الظالم، وبات لا يبالي بالمظالم، والمسلوب يبكي ويبكي الحمائم، وما كفاهم أخذ ماله حتى حبسوه (أَحْصَاهُ اللّهُ وَنَسُوهُ)