(أين ما كانوا جمعوه، كم ليموا وما سمعوه، كم قيل لهم لو قبلوه، ذهب العرض غير أن العرض دنسوه (أَحْصَاهُ اللّهُ وَنَسُوهُ)
(كم كاسب للمال من حرامه وحلاله، كان يحاسب شريكه على عود خلاله، ولا ينفق منه شيئا في تقويم خلاله، فلما وقع صريعا بين أشباله، اشتغلوا عنه بانتهاب ماله، ثم في اللحد نكسوه (أَحْصَاهُ اللّهُ وَنَسُوهُ) جعلنا الله وإياكم من الذين عرفوا الحق فاتبعوه وزجروا الهوى عنهم وردعوه إنه قريب مجيب
(كم ناداك مولاك وما تسمع، وكم أعطاك ولكن ما تقنع، لقد استقرضك مالك فمالك تجمع، وضمن أن تنبت الحبة سبعمائة وما تزرع، ليكن همك في طلب المال الإفضال، به فإن الشريف الهمة لا يطلب الفضل إلا للفضل.
(يا من لا يتعظ بسلف آبائه، يا من لا يعتبر بتلف أو دائه، يا أسير أغراضه وقتيل أهوائه، يا من عجزت الأطباء عن إصلاح دائه، يا مشغولا بذكر بقائه عن ذكر فنائه، يا مغرورا قد حل الممات بفنائه، يا معجبا بثوب صحته يمشي في خيلائه، يا معرضا عن نصيحه مشمتاً، لأعدائه يا من يلهو بأمله ويا من أجله من ورائه، يجمع العيب إلى الشيب وهذا من أقبح رائه، كم رأيت مستلباً من سرور ونعمائه، كم شاهدت مأخوذا عن أحبابه وأبنائه، بينا هو في غروره دب الموت في أعضائه، بينا جرع اللذة فيه شرق بمائه، بينا ناظر النظير يعجبه صار عبرة لنظرائه، ماله ضيع ماله وبقي في بلائه.
(يا من لا يترك ذنباً يقدر عليه، يا من يسعى إلى ما يضره بقدميه، كم ضيعت في المعاصي عصرا، كم حملت على كاهلكَ وزراً، أترضى أن تملأ الصحائف عيبا وخسرا، أما يكفي سلب القرين وعظا وزجرا، لقد ضيعت شطرا من الزمان فاحفظ شطرا، ما أبقت لك الصحة حجة ولا تركت عذرا، كم نعمة نزلت بك وما قرنتها شكرا، تقابلها بالمعاصي فتبدل العرف نكرا، كم سترك على الخطايا وأنت لا تقلع دهرا، كان الشيب هلالا وقد صار بدرا، تعاهد ولا تفي إلى كم غدرا، أطال عليك الأمد فصار القلب صخرا، إنما بقي القليل فصبرا يا نفس صبرا.
(أين من يعمل لذلك اليوم، أين المتيقظ من سِنَةِ النوم، أين من يلحق بأولئك القوم، جدوا في الصلاة وأخروا في الصوم، وعادوا على النفوس بالتوبيخ واللوم، ليتك إن لم تقدر على الإشمام لطريقتهم حصلت الروم.