وقال ابن جرير:{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} أي: من أمامه وورائه، وعن يمينه وشماله، ومن فوقه ومن تحت أرجله ومن سائر أعضاء جسده.
وقال الضحاك، عن ابن عباس:{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} قال: أنواع العذاب الذي يعذبه الله بها يوم القيامة في نار جهنم، «وليس منها نوع إلا الموت يأتيه منه لو كان يموت، ولكن لا يموت»؛ لأن الله تعالى قال:{لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ]}[فاطر: ٣٦].
- ومعنى كلام ابن عباس رضي الله عنهما: أنه ما من نوع من هذه الأنواع من هذا العذاب إلا إذا ورد عليه اقتضى أن يموت منه لو كان يموت، ولكنه لا يموت ليخلد في دوام العذاب والنكال؛ ولهذا قال:{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}
وقوله:{وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} أي: وله من بعد هذا الحال عذاب آخر غليظ، أي: مؤلم صعب شديد أغلظ من الذي قبله وأدهى وأمر. وهذا كما قال تعالى عن شجرة الزقوم:{إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ}[الصافات: ٦٤ - ٦٨] انتهى.
• ولأهل النار أنواع من العذاب لم يطلع الله عليها خلقه في الدنيا:
[*] • أورد ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه التخويف من النار عن الحسن قال: ذَكَرَ الله السلاسل والأغلال والنار وما يكون في الدنيا ثم قرأ (وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ)[ص: ٥٨] قال آخر لا ترى في الدنيا.
[*] • أورد ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه التخويف من النار عن ابن عباس في قوله تعالى (زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ)[النحل: ٨٨] قال هي خمسة أنهار تحت العرش يعذبون ببعضها في الليل وبعضها في النار.
• عذاب الكفار في النار متواصل أبدا لا يفتر عنهم ولا ينقطع ولا يُخَفَف.