للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالكافر يؤثِرُ ذاتهُ على كلِّ نفس، يبني حياتهُ على موت الناس، وغِناهُ على فقر الناس، ومجدهُ على أنقاض الناس، وأَمنهُ على خوف الناس.

بينما المؤمن من خصائصهِ الكُبرى و صِفاتهِ العُظمى وسِماتهِ الأساسية أنهُ يُؤثِرُ الآخرين على نفسه والدليل هؤلاء الأنصار أثنى الله عليهم فقال تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة)

«فأنت إذا آثرتَ الآخرين وأنتَ في بحبوحةٍ كبيرة فهذه مؤاثرة، و إذا آثرتَ الآخرين وأنتَ في خصاصة وشظف من العيش فهو إيثار»

القسم الثاني من الآية (وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يُقابل الإيثار .. الشُح ..

الإنسانُ بينَ شُحٍ وإيثار، إن كانَ مؤمناً فهو يؤثر، وإن كانَ غير مؤمنٍ فهو شحيح.

الشحيحُ حريصٌ على ما ليسَ في يدهِ، يُنفق لَلامَهُ .. لماذا تُنفق يا رجل، هذا المال دعهُ لكَ، ادخره لوقت الشِدة، لماذا تُنفق أ مجنون أنت. الشحيحُ حريصٌ على ما ليسَ في يدهِ، فإذا حصلَ هذا في يدهِ كانَ بهِ أشح وبَخِلَ بإخراجه والبخلُ صِفةٌ ماديّةٌ أساسُها الشُح، من الداخل شُح، من الخارج بُخل، ومن يوقَ مرض الشُح .. هذا مرض .. مرض عُضال " ومن يوقَ شُحَّ نفسهِ فأؤلئكَ هم المفلحون " فالبخلَ سلوكُ النفسِ الشحيحة، والعطاءُ سلوكُ النفسِ المؤاثِرة الكريمة.

وقد حذرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشح، وتأمل في الحديثين الآتيين بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيهما واجعل لهما من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيهما من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

((حديث جابر بن عبد الله الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم.

((حديث أبي هريرة الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنم في جوف عبد أبدا و لا يجتمع الشح و الإيمان في قلب عبد أبدا.

(فالسِمةُ الأساسيةُ، الصِفةُ الثابتة، الحركة اليومية لغير المؤمن هي الشُح، والصفة البارزة للمؤمن هي المؤاثرة والإيثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>