فلقيت عمر في ذلك فعرفت الغضب في وجهه، وقال: من هؤلاء؟ قالت: لا سبيل إلى علمهم حتى أعلم رأيك، فقال: لو علمت من هم لسؤت وجوههم، أنت بيني وبينهم، أنشدك بالله: ما أفضل ما اقتنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتك من الملبس؟ قالت؛ ثوبين مُمَشَّقين كان يلبسهما للوفد ويخطب فيهما للجمع. قال: فأيُّ الطعام ناله عندك أرفع؟ قالت: خبزنا خبزة شعير فصببنا عليها وهي حارة أسفل عُكَّة لنا، فجعلناها هشَّة دسمة، فأكل منها وتطعَّم منها إستطابة لها. قال: فأيُّ مبسط كان يبسطه عندك كان أوطأ؟ قالت: كساء لنا ثخين كنا نربِّعه في الصيف فنجعله تحتنا، فإذا كان الشتاء بسطنا نصفه وتدثَّرنا بنصفه. قال: يا حفصة، فأبلغيهم عني أن رسول الله قَدَّر فوضع الفُضول مواضعها وتبلغ بالتزجية، وإني قدرت فو الله وضعنَّ الفُضول مواضعها لأتبلغنَّ بالتزجية، وإنما مثلي ومثل صاحبيَّ كثلاثة سلكوا طريقاً، فمضى الأول وقد تزود زاداً فبلغ ثم اتَّبعه الآخر فسلك طريقه فأفضى إليه، ثم اتَّبعه الثالث فإن لزم طريقهما ورضي بزادهما لحق بهما وكان معهما، وإن سلك غير طريقهما لم يجامعهما. وأخرجه أيضاً ابن عساكر عن سالم بن عبد الله فذكر نحوه، كما في منتخب الكنز.