وأخرج ابن عساكر عن الحسن البصري قال: أتيت مجلساً في جامع البصرة، فإذا أنا بنفر من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتذاكرون زهد أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما وما فتح الله عليهما من الإِسلام وحسن سيرتهما، فدنَوت من القوم، فإذا فيهم الأحنف بن قيس التميمي رضي الله عنه (جالس) معهم، فسمعته يقول: أخرَجنا عمر بن الخطاب في سرية إلى العراق ففتح الله علينا العراق وبلد فارس، فأصبنا فيها من بياض فارس، وخراسان، فجعلناه معنا واكتسينا منها. فلما قدمنا على عمر أعرض عنا بوجهه وجعل لا يكلمنا، فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتينا إبنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو جالس في المسجد، فشكونا إليه ما نزل بنا من الجفاء من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ فقال عبد الله: إن أمير المؤمنين رأى عليكم لباساً لم يرَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلبسه ولا الخليفة من بعده أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فأتينا منازلنا فنزعنا ما كان علينا وأتيناه في البِزة التي كان يعهدنا فيها، فقام يسلم علينا على رجل رجل، ويعانق منَّا رجلاً رجلاً؛ حتى كأنه لم يرنا قبل ذلك، فقدَّمنا إليه الغنائم فقسمها بيننا بالسوية، فعُرض عليه في الغنائم سلال من أنواع الخبيص من أصفر وأحمر، فذاقه عمر فوجده طيبَ الطعم طيبَ الريح، فأقبل علينا بوجهه وقال: والله يا معشر المهاجرين والأنصار ليقتلن منكم الابن أباه والأخ أخاه على هذا الطعام ثم أمر به فحُمل إلى أولاد من قُتلوا بين يديّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المهاجرين والأنصار.