للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وآنية ربكم) في أرضه

(قلوب عباده الصالحين) أي القائمين بما عليهم من حقوق الحق والخلق بمعنى أن نور معرفته تملأ قلوبهم حتى تفيض على الجوارح وأما حديث ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن فلا أصل له

(وأحبها إليه) أي أكثرها حباً عنده

(ألينها وأرقها) فإن القلب إذا لان ورق وانجلى صار كالمرآة الصقيلة فإذا أشرفت عليه أنوار الملكوت أضاء الصدر وامتلأ من شعاعها فأبصرت عين الفؤاد باطن أمر اللّه في خلقه فيؤديه ذلك إلى ملاحظة نور اللّه تعالى فإذا لاحظه فذلك قلب استكمل الزينة والبهاء بما رزق من الصفاء فصار محل نظر اللّه من بين خلقه فكلما نظر إلى قلبه زاده به فرحاً وله حباً وعزاً واكتنفه بالرحمة وأراحه من الزحمة وملأه من أنوار العلوم قال حجة الإسلام: وهذه الأنوار مبذولة بحكم الكرم الرحمني غير مضنون بها على أحد فلم تحتجب عن القلوب لبخل ومنع من جهة المنعم تعالى عن البخل والمنع بل لخبث وكدورة وشغل من جهة القلوب لما تقرر أن القلب هو الآنية والآنية ما دامت مملوءة بالماء لا يدخلها الهواء والقلوب مشغولة بغير اللّه لا تدخلها المعرفة بجلال اللّه.

(وكان أكثر دعاء النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ كما في الحديثين الآتيين:

((حديث شَهْرُ بن حَوْشَبٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قال: قُلْتُ لأمِّ سَلَمَةَ: يَا أمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ أكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: كَانَ أكْثَرُ دُعَائِهِ " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ " قالت: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أكْثَرَ دُعَاءَكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ؟ قال: " يَا أمَّ سَلَمَةَ إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلاَّ وَقَلْبُهُ بَيْنَ أصْبُعَيْنِ مِنْ أصَابِعِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ أقَامَ وَمَنْ شَاءَ أزَاغَ، فَتَلا مُعَاذٌ (١) {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أنْتَ الْوَهَّابُ} (آل عمران/٨)

(حديث أنَسٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أنْ يقول: " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ "٠

<<  <  ج: ص:  >  >>