للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن مفلح: قال أحمد: تعجبني القراءة السهلة، وكره السرعة في القراءة. وقال حرب: سألت أحمد عن السرعة في القراءة فكرهه، إلا أن يكون لسان الرجل كذلك، أو لا يقدر أن يترسل، قيل: فيه أثم؟ قال: أما الإثم فلا أجترىء عليه (١).

مسألة: أيهما أفضل للقارىء القرآة بتأني وتدبر، أم القراءة بسرعة مع عدم الإخلال بشيء من الحروف والحركات؟

الجواب: إذا كانت السرعة لا تخل بالقرآة، فقد فضل بعض العلماء الإسراع فيها طلباً لكثرة الأجر المترتب على كثرة التلاوة، وفضل بعضهم الترتيل والتأني فيها.

(قال ابن حجر: والتحقيق أن لكل من الإسراع والترتيل جهة فضل، بشرط أن يكون المسرع لا يخل بشيء من الحروف والحركات والسكون والواجبات، فلا يمتنع أن يفضل أحدهما الآخر وأن يستويا، فإن من رتل وتأمل كمن تصدق بجوهرة واحدة مثمنة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمة الواحدة، وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات، وقد يكون بالعكس (٢).

(١٩) استحباب مد القراءة:

((حديث قَتَادَةَ رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قَالَ سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَانَتْ مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ.

(٢٠) استحباب تحسين الصوت بالقراءة، والنهي عن القراءة بالألحان:

(قال الآجري رحمه الله تعالى في أخلاق حملة القرآن:

ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم فليعرف قدر ما خصه الله به، وليقرأ لله لا للمخلوقين وليحذر من الميل إلى أن يستمع منه ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا والميل إلى حسن الثناء والجاه عند أبناء الدنيا، والصلاة بالملوك دون الصلاة بعوام الناس فمن مالت نفسه إلى ما نهيته عنه خفته أن يكون حسن صوته فتنة عليه، وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله عز وجل في السر والعلانية وكان مراده أن يستمع منه القرآن؛ لينتبه أهل الغفلة عن غفلتهم، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل وينتهوا عما نهاهم، فمن كانت هذه صفته انتفع بحسن صوته، وانتفع به الناس. أهـ

وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة


(١). الآداب الشرعية (٢/ ٢٩٧)
(٢). فتح الباري (٨/ ٧٠٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>