للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي ينبغي للناس: أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا يعدل أحد عن هدي خير الورى، وهدي خير القرون إلى ما هو دونه. وينبغي للمطاع أن لا يقر ذلك مع أصحابه، بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد. وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسن.

وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لا اعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له، لأن ذلك أصلح لذات البين، وإزالة التباغض والشحناء، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة: فليس في ترك ذلك إيذاء له (١).

(وقال ابن حجر رحمه الله في الفتح:

وفي الجملة متى صار ترك القيام يشعر بالاستهانة أو يترتب عليه مفسدة امتنع، وإلى ذلك أشار ابن عبد السلام (٢).

(٤) هل يقبل الرجلُ الرجلَ عند لقائه؟:

لم تكن عادة السلف من الصحب ومن بعدهم، أن يقبلوا بعضهم بعضاً عند اللقاء كما هو الحال اليوم، والآثار التي فيها ذكر التقبيل عند اللقاء لا تقوى على رد الحديث الصريح الذي ينهى عن التقبيل عند اللقاء، ورد الألباني على هذه الأحاديث من وجهين مفادهما: أنها أحاديث معلولة لا تقوم بها

((حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ لَا قَالَ أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا قَالَ أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ قَالَ نَعَمْ.

(والحديث صريح في النهي عن الإنحناء والتقبيل عند اللقاء المعتاد. ولكن لا يمنع من المعانقة عند لقاء المسافر والغائب، وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة:

((حديث جابر رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) قال: لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

{فائدة}: (قبلة الوالد لولده من تمام العطف والمحبة، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقبل أولاده، وقبل الحسن والحسين، وقبل أبو بكر ابنته عائشة، وهذه أخبار مشهورة، استغنينا بشهرتها عن تخريجها وردها إلى مصادرها.

{فائدة٢}: (تقبيل اليد، أجازها بعض العلماء على طريق التدين.


(١). مجموع الفتاوي (١/ ٣٧٤ - ٣٧٥)
(٢). فتح الباري (١١/ ٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>