للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، فهو مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر و الأذنان زناهما الاستماع و اللسان زناه الكلام و اليد زناها البطش و الرجل زناها الخطا و القلب يهوى و يتمنى و يصدق ذلك الفرج أو يكذبه.

الشاهد: قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فالعينان زناهما النظر] فبدا الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بزنى العين لأنه اصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج وهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصى بالنظر وان ذلك زناها.

قال الغزالي رحمه الله تعالى: ونبه به على أنه لا يصل إلى حفظ الفرج إلا بحفظ العين عن النظر وحفظ القلب عن الفكرة وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع فإن هذه محركات للشهوة ومغارسها قال عيسى عليه السلام: إياكم والنظر فإنه يزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة ثم قال الغزالي: وزنا العين من كبار الصغائر وهو يؤدي إلى الكبيرة الفاحشة وهي زنا الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ دينه.

[فيض القدير ج: ٤ ص: ٦٥]

(حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من كان منكن يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم كراهة أن يرين من عورات الرجال.

ولهذا جعل الرسول غض البصر من حقوق الطريق التي تلزم كل جالس فيها حتى لا تتخذ الطرقات ذرائع للترفه بمحاسن النساء وتأمل مفاتن الغاديات والرائحات.

(حديث أبي سعيد في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إياكم و الجلوس في الطرقات، قالوا يا رسول الله مل لنا منها بدٌ إنها مجالسنا نتحدثُ فيها، قال فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه، قالوا وما هو حقُ الطريق؟ قال: غض البصر و كف الأذى و رد السلام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.

قال النووي رحمه الله تعالى:

وقد أشار النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى علة النهي من التعرض من الفتنة و الإثم بمرور النساء وغيرهن وقد يمتد النظر إليهن أو فكر فيهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>