{تنبيه}: وفي الحديث مشروعية سد الذرائع التي بنيت عليها فروع كثير فقهية، فهذه الخصال من حقوق الطريق التي يُلزم بها الجالس عليها ومنها غض البصر وكفه عن النظر إلى النساء وذلك في الأماكن العامة التي هي مظنة مرور العرايا والمتبرجات فان الجلوس في مثل هذه الأماكن جريمة ومنكر ولاسيما إذا اعتاده الإنسان فانه يفسق بذلك وهذه صرخة إنذار لمن يعتادون الجلوس على الطرقات ويتخذون من المقاهي مجالس للتسلية والنظر لما حرم عليه.
ولله درًّ من قال:
كل الحوادث مبدأها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة بلغت في قلب صاحبها ... كمبلغ السهم بين القوس والوتر
والعبد ما دام ذا طرفٍ يقلبه ... في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسرُ مُقْلَتَه ما ضَر مُهْجَتَه ... لا مرحبا بسرور عاد بالضرر
وقد أمرنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سُنَّتِهِ المُشَرَّفَة بغض البصر ومن ذلك ما يلي:
(حديث أبي أمامة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب و إذا ائتمن فلا يخن وإذا وعد فلا يخلف و غضوا أبصاركم و كفوا أيديكم و احفظوا فروجكم.
(حديث سهل بن سعد في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال من يضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة.
وقد كان السلف الصالح أشد إيمانا وأكثر عملا ومع هذا فإنهم لا يأمنون على أنفسهم فتنة النساء.
فكان انس يقول: إذا مرت بك امرأة فغض عينك حتى تجاوزك
وكان الربيع ابن خثيم:
يمشى فمر به نسوه فغض بصره وأطرق حتى ظن النسوة انه أعمى فتعوذن بالله من العمى.
وقال وكيع خرجنا مع الثوري في يوم عيد فقال: إن أول ما نبدأ به في يومنا غض أبصارنا
وخرج حسان بن أبي سنان يوم عيد: فلما عاد فقالت له امرأته كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: والله ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك إلى أن رجعت إليك.
الله اكبر إنها قلوب غفت عن الحرام فعوضها الله خيرا وأذاقها حلاوة الإيمان.
أين هؤلاء ممن يطلقون البصر ليل نهار.
أين هؤلاء ممن يتابع مشاهد الفجور في التلفاز والفضائيات.
أين هؤلاء ممن يجلسون على المقاهي والطرقات ينظرون إلى الغاديات والرائحات.
أين هؤلاء ممن يجلسون في الأندية ينظرون إلى كل رائحة وغادية.