في بعض المواضع كالمتلف والمغصوب الذي تعذّر مثله؛ للضرورة؛ إذ ليس هناك شيء يوجد أقرب إلى الحق من القيمة، فكان ذلك هو العدل الممكن، كما قلنا مثل ذلك في القصاص ودية وأرش الجراح، واعتبرنا القيمة بتقويم الناس؛ إذ ليس هناك متعاقدان تراضيا بشيء، وأما هنا فقد تراضيا بأن يكون المسمى بدلا عن العين أو المنفعة، والناس يرضون لها ببدل آخر فكان اعتبار تراضيهما أولى من اعتبار رضا الناس.
فإن قيل: هما إنما تراضيا بهذا البدل في ضمن صحة العقد، ووجوب موجباته، وذلك منتف هنا؟
قيل: والناس إنما يجعلون هذا قيمة في ضمن عقد صحيح له موجباته، فلما تعذّر العقد هنا قدرنا وجود عقد يعرف به البدل الواجب فيه، فتقدير عقدهما الذي عقداه أولى من تقدير ما لم يوجد بحال، ولا رضيا به، ولم يعقده غيرهما. فإذا كان لا بدّ من التقدير والتقريب فما كان أشبه بالواقع كان أولى بالتقدير وأقرب إلى الصواب» (١).
* وأما الكيفية: فيوضحها الشيخ محمد العثيمين بقوله: «فالبيع في العقد الفاسد يجب فيه ضمان العين والمنفعة، وأما في العقد الصحيح فيجب فيه ضمان العين فقط؛ لأن المنفعة في العقد الصحيح مملوكة تبعا للعين، أما في العقد الفاسد فليس هناك ملك حتى نقول: إن المنفعة تابعة للملك، وعلى هذا فإذا تلف المبيع في البيع الفاسد فإننا نضمن العين والمنفعة، أي: مدة أجرتها ما
(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٩/ ٤٠٩ - ٤١٠). وانظر: تقرير القواعد (١/ ٣٣٨ - ٣٣٩) (في الحاشية).