للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الرابع: لا يجب الضمان على المرتهن إلا إذا تعدى أو فرط في المال المرهون. وهو قول الشافعية (١) ومذهب الحنابلة (٢)، وقال به أبو ثور وداود الظاهري والأوزاعي وعطاء (٣).

أدلة القول الأول:

استدل أصحاب هذا القول بأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول، وهي كما يأتي:

١ - قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (٤).

وجه الدلالة: أن قوله (فإن أمن) معطوف على قوله (فرهان)، مما يدل على أن الرهن ليس بأمانة؛ لأن العطف يقتضي أن يغاير المعطوف المعطوف عليه؛ إذ الشيء لا يعطف على نفسه، وإذا لم يكن أمانة كان مضمونا؛ لأن ما يكون عند الشخص من غير ماله لا يخلو إما أن يكون أمانة أو مضمونا (٥).

نوقش هذا الاستدلال: بأنا لا نسلم أن قوله (فإن أمن) معطوف على قوله: (فرهان)، وإنما هي معطوفة على قوله: (وإن كنتم على سفر)؛ لأن


(١) انظر: الأم (٣/ ١٦٧)، مختصر خلافيات البيهقي (٣/ ٣٧٧)، روضة الطالبين (٤/ ٩٦)، الأشباه والنظائر لابن السبكي (١/ ٣٠٦)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٤٥٨)، مغني المحتاج (٢/ ١٣٦ - ١٣٧).
(٢) انظر: المغني (٧/ ٥٢٢)، المبدع (٤/ ٢٢٧)، الإنصاف مع المقنع (١٢/ ٤٣٦ - ٤٣٧)، منتهى الإرادات (١/ ٢٨٨ - ٢٨٩)، الدرر السنية (٦/ ٢٥٣).
(٣) انظر أقوالهم في: المحلى (٦/ ٣٧٦)، المغني (٦/ ٥٢٢).
(٤) سورة البقرة، الآية [٢٨٣].
(٥) أحكام القرآن للجصاص (١/ ٥٢٦).

<<  <   >  >>