للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أبو الوليد بن رشد الحفيد: «وجل المسائل المشهورة بين فقهاء الأمصار في هذا الكتاب، هي في أحكام الوديعة: فمنها أنهم اتفقوا على أنها أمانة لا مضمونة، إلا ما حكي عن عمر بن الخطاب» (١).

وعلى الرغم من وجود الجزم في حكاية الإجماع - كما في نص أبي إسحاق الشيرازي -، أو الاتفاق - كما في نص ابن هبيرة - على عدم الضمان، إلا أن نص كل من ابن المنذر وابن رشد يشعر بوجود خلاف في المسألة، وبيان هذا الخلاف على النحو الآتي:

اختلف الفقهاء في ما إذا تلفت الوديعة في يد المودع عنده، من غير تعدّ منه أو تفريط على قولين:

القول الأول: لا ضمان على المودع عنده، إلا إذا تلفت الوديعة من بين ماله، فهنا يجب عليه الضمان وإن لم يتعدّ أو يفرط. وهو رواية عن أحمد (٢) وقول إسحاق بن راهويه (٣).

القول الثاني: لا ضمان على المودع عنده، حتى لو تلفت الوديعة من بين ماله. وهو مذهب الحنفية (٤) والمالكية (٥) والشافعية (٦) وأصح الروايتين عن أحمد -


(١) بداية المجتهد (٢/ ٣٧٨).
(٢) انظر: المغني (٩/ ٢٥٧)، تقرير القواعد (١/ ٣٠٧، ٣٢٣)، الإنصاف مع المقنع (١٦/ ٧ - ٨)، الإقناع (٣/ ٥).
(٣) انظر: الحاوي (٨/ ٣٥٦).
(٤) انظر: بدائع الصنائع (٦/ ٢١٠)، الاختيار (٣/ ٢٩)، البحر الرائق (٧/ ٢٧٣ - ٢٧٤)، حاشية رد المحتار (٥/ ٦٦٣ - ٦٦٤).
(٥) انظر: الإشراف للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٦٢٤، ٦٢٦)، المقدمات الممهدات (٢/ ٤٥٥)، عقد الجواهر الثمينة (٢/ ٧٢١، ٧٢٢)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (٦/ ١١٤).
(٦) انظر: اللباب للمحاملي (ص ٢٥٤)، الحاوي (٨/ ٣٥٦)، التهذيب للبغوي (٥/ ١١٧)، روضة الطالبين (٦/ ٣٢٧)، مغني المحتاج (٣/ ٨١).

<<  <   >  >>