للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو ما حدا فقهاء المذاهب الثلاثة - الحنفية والشافعية والحنابلة - إلى عدم ذكر التعريف الاصطلاحي للتعدي - كما قدمته أولاً - مع كثرة اهتمامهم وعنايتهم بذكر المصطلحات والتعاريف، والله تعالى أعلم.

[ثانيا: حكم التعدي على الأموال]

لا ريب أن للمال حرمة عظيمة في الشريعة الإسلامية، فهو أحد الضروريات الخمس التي لا تستقيم مصالح الدنيا إلا بها، قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (١).

ولهذا فقد شرع الله كثيرا من الوسائل والأحكام التي تقوم على حفظ المال ورعايته، ومن بينهما تحريم الاعتداء عليها، ووجوب ضمان الضرر الواقع عليها بالتعدي، فالتعدي أحد أركان الضمان التي لا يتحقق إلا بوجودها (٢).

والأدلة على ذلك كثيرة، أذكر منها:

١ - قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣).

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسير هذه الآية: «ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة» (٤).


(١) سورة النساء، الآية [٥].
(٢) انظر: شرح القواعد الفقهية (ص ٤٤٩)، الموافقات (٣/ ٤٢٨)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٣٦٢)، المبدع (٥/ ٩٦، ٢٤١)، نظرية الضمان للزحيلي (ص ١٨).
(٣) سورة النساء، الآية [٢٩].
(٤) تيسير الكريم الرحمن (ص ١٧٥).

<<  <   >  >>