للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما جبر الضرر المعنوي بالضمان المالي فإنه من المسائل النازلة المستجدة (١) التي اختلفت فيها كلمة الفقهاء المعاصرين (٢).

وذلك راجع - والعلم عند الله تعالى - إلى عدم وجود دليل مقنع يدل على جوازه، بل إن الأمر على خلاف ذلك. فإن قبول الضمان المالي عن الأضرار المعنوية فيه مخالفة واضحة لقاعدة الضمان؛ ذلك لأن الضمان المالي يقوم على أساس الجبر بالتعويض، وذلك لا يتحقق إلا بإحلال مال محل مال فاقد مكافئ له؛ ليقوم مقامه ويسد مسده، وليس ذلك بمتحقق هنا؛ لأنه إذا أعطى كان أخذ مال في غير مقابلة مال، فيكون هذا من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣) (٤).

[الركن الثالث: الإفضاء (الرابطة بين التعدي والضرر)]

الإفضاء هو الركن الثالث من أركان الضمان.

والمراد به هو: أنه لا يجب الضمان على المعتدي إلا إذا كان الضرر ناشئا عن اعتدائه، سواء كان عن طريق المباشرة أم التسبب (٥).


(١) انظر: المبسوط (٢٦/ ٨١)، الاختيار (٤/ ١١٤)، الكافي لابن عبد البر (ص ٥٧٧)، مواهب الجليل (٦/ ٣٠٥)، روضة الطالبين (٨/ ٣١٣)، المغني (١٢/ ٣٩٣ - ٣٩٤).
(٢) انظر: الضمان في الفقه الإسلامي (ص ٥٥ - ٥٧)، الفعل الضار (ص ١٢١ - ١٢٦)، نظرية الضمان للزحيلي (ص ٢٤ - ٢٥).
(٣) سورة النساء، الآية [٢٩].
(٤) انظر: الضمان في الفقه الإسلامي (ص ٥٥ - ٥٦)، الفعل الضار (ص ١٢٤).
(٥) انظر: نظرية الضمان للزحيلي (ص ٢٦).

<<  <   >  >>