للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش هذا الدليل: بأنه لا مانع أن يكون الشيء الواحد بعضه أمانة وبعضه مضمون، كما لو جعل خمسة عشر درهما في كيس، ودفعه إلى صاحب الدين على أن يستوفي دينه منه عشرة، فيكون أمينا في الزيادة.

والراهن مثله، كأنه جعل مقدار الدين في وعاء، وسلمه الدائن ليستوفي حقه منه، فعندما يتلف في يده يتم استيفاؤه في مقدار حقه، وما زاد يكون أمانة (١).

[القول المختار]

الذي يظهر لي - والعلم عند الله تعالى - أن القول المختار هو القول الرابع، القائل بأن المرتهن لا يجب عليه ضمان المال المرهون إلا إذا تعدى أو فرط، وذلك لما يأتي:

أولاً: «إن أموال العباد معصومة بعصمة الإسلام، لا يحل لمسلم أن يحلها لغيره، أو يستحلها بغير شرع واضح، وإلا كان من أكل أموال الناس بالباطل أو تأكيلها، وإذا عرفت هذا فلا ضمان على المرتهن إلا لخيانة أو تفريط؛ لأنه قد تسبب بذلك إلى تلفها، ولا يضمن غير ذلك كائنا ما كان؛ لأنه أخذها بإذن مالكها في حق أثبته له الشرع، وهو الترفق ببقائها لديه في دينه الذي انتفع به مالكها» (٢).

ثانياً: عدم وجود دليل شرعي ينص على وجوب الضمان على المرتهن، أو ينص على التفريق بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه.


(١) انظر: المبسوط (٢١/ ٦٧).
(٢) السيل الجرار (٣/ ٢٧٦ - ٢٧٧).

<<  <   >  >>