للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القول المختار]

بعد استعراض أدلة الأقوال الثلاثة، يظهر لي - والعلم عند الله تعالى - أن القول المختار هو القول الثالث، وهو أن العارية أمانة عند المستعير، لا يضمنها إلا إذا تعدى عليها أو فرط فيها، وذلك للأمور التالية:

١ - لقوة أدلة القول الثالث وسلامة أغلبها من الاعتراضات.

٢ - إن أدلة القول الأول والثاني لا تخلو من أحد أمرين:

(أ) أن تكون أدلة ضعيفة.

(ب) أن تكون أدلة صحيحة إلا أنها غير سالمة من ورود الاعتراضات عليها.

٣ - إن الأصل الشرعي هو عدم الضمان؛ لأن مال المستعير معصوم بعصمة الإسلام، فلا يلزم منه شيء إلا بأمر الشارع، ولم يأت نص من القرآن أو السنة يدل على ضمان المستعير (١).

وبهذا يتبين عدم صحة هذا الضابط الفقهي الذي يفيد بأن العارية مضمونة، وأن الصحيح فيه هي الصيغ التي تفيد بأن العارية أمانة، والله تعالى أعلم.

ولا يفوتني أن أشير إلى أن هناك مسألة تتصل بهذا الضابط، وهي: اشتراط الضمان على المعير - إذا قلنا إنه أمين -، أو اشتراط نفي الضمان على المعير ... - إذا قلنا إنه ضامن -، وقد تقدم بحثها بالتفصيل في قاعدة: «كل ما كان أمانة لا يصير مضمونا بشرطه، وما كان مضمونا لا ينتفي ضمانه بشرطه» المندرجة تحت قاعدة: «المفرط ضامن» (٢).


(١) انظر: السيل الجرار (٣/ ٢٨٦، ٣٤٢).
(٢) كما في صفحة ١٦٠.

<<  <   >  >>