للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنه على فرض صحة الحديثين فإنه يحتمل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد ضمان المنافع والأجرة (١).

٣ - «أنه لم يوجد من المستعير سبب وجوب الضمان، فلا يجب عليه الضمان كالوديعة والإجارة؛ لأن الضمان لا يجب على المرء بدون فعله، وفعله الموجود منه ظاهراً هو العقد والقبض، وكل واحد منهما لا يصلح سببا لوجوب الضمان، أما العقد فلأنه عقد تبرع بالمنفعة تمليكا أو إباحة على اختلاف الأصلين».

وأما القبض فلوجهين:

أحدهما: أن قبض مال الغير بغير إذنه لا يصلح سبباً لوجوب الضمان، فبالإذن أولى؛ وهذا لأن قبض مال الغير بغير إذنه هو إثبات اليد على مال الغير وحفظه وصيانته عن الهلاك، وهذا إحسان في حق المالك، قال الله تبارك وتعالى وجل شأنه: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (٢)، وقال - تبارك وتعالى -: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} (٣)، فدل ذلك على أن قبض مال الغير بغير إذنه لا يصلح سببا لوجوب الضمان، فمع الإذن أولى.

الثاني: أن القبض المأذون فيه لا يكون تعديا؛ لأنه لا يفوت يد المالك، ولا ضمان إلا على المتعدي، قال الله تبارك وتعالى: {فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} (٤)، بخلاف قبض الغصب» (٥).


(١) انظر: المغني (٧/ ٣٤٢)، المبدع (٥/ ١٤٤).
(٢) سورة الرحمن، الآية [٦٠].
(٣) سورة التوبة، الآية [٩١].
(٤) سورة البقرة، الآية [١٩٣].
(٥) بدائع الصنائع (٦/ ٢١٧) بتصرف يسير. وانظر: الهداية مع فتح القدير (٧/ ٤٦٩)، المغني (٧/ ٣٤١ - ٣٤٢).

<<  <   >  >>