للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش هذا الدليل: أن قولهم «الواجب لا يؤخذ له عوض» ليس بصحيح على إطلاقه، «ودفع الضرورة للمضطر حاصل وإن كان بعوض، فلا حاجة إلى عدم الضمان؛ لأن إباحة الشيء للاضطرار لا ينافي ضمانه، والضرر أيضا لا يزال بضرر» (١).

أدلة القول الثاني:

استدل أصحاب هذا القول بما يأتي:

١ - عن أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) (٢).

وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرّم أكل أموال الناس بغير وجه حق؛ فإذا اضطر أحد إلى إتلاف مال غيره وجب عليه ضمانه؛ حتى لا يأخذ مال غيره بالباطل.

٢ - إن المضطر أتلف مال غيره لمنفعة نفسه؛ فكانت عليه قيمته كغير المضطر؛ فإن اضطراره إنما يتعلق بإباحة أكله دون إسقاط عوضه (٣).

[القول المختار]

الذي يظهر - والعلم عند الله تعالى - أن القول المختار هو القول الثاني الذي يقضي بوجوب الضمان على المتلف، وذلك للأمور التالية:

١ - صحة ما استدل به أصحاب القول الثاني وسلامتها من الاعتراضات.

٢ - إن أصحاب القول الثاني تمسكوا بالأصل العام، وهو حرمة أموال المسلمين، ولم يأت دليل صحيح صريح يخرج هذه المسألة عن الأصل العام.

٣ - ضعف أدلة القول الأول وعدم سلامتها من الاعتراضات.


(١) الاضطرار إلى الأطعمة (ص ٦٨ - ٦٩).
(٢) سبق تخريجه صفحة ٨١.
(٣) المنتقى (٣/ ١٤٠) بتصرف. وانظر: حاشية رد المحتار (٦/ ٣٣٨)، الفروق (١/ ١٩٦).

<<  <   >  >>