للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - إن قولهم في وجه الاستدلال من الآية: (يحتمل أن يكون المراد متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه) «غير صحيح ولا ظاهر؛ لمخالفته ظاهر القرآن بلا دليل. ولأن قوله تعالى: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} يدل على أنه متعمد ارتكاب المحظور، والناسي للإحرام غير المتعمد لم يرتكب محظوراً» (١)، وعلى هذا يكون الصحيح أن المراد متعمد قتله ذاكر إحرامه.

٢ - أما الحديثان فيمكن أن يجاب عنهما من وجهين:

الوجه الأول: إن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ضعيف كما سبق في تخريجه (٢).

الوجه الثاني: إن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عام خصّ بقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٣)، وبهذا ينتفي التعارض بينهما.

٣ - أما الأدلة العقلية الأخرى فهي أقيسة فاسدة الاعتبار لمعارضتها للنص.

وبهذا يتبين صحة تقييد القاعدة (لا فرق في ضمان المتلف بين العلم والجهل) بحقوق الآدميين، أما حقوق الله عزّ وجلّ فإنه إن كان المُتلِف عالما وجب عليه الضمان وحلّ عليه الإثم، وإن كان جاهلا سقط عنه الضمان والإثم.

غير أنه يستثنى من حقوق الله إيجاب الكفارة على قاتل المؤمن خطأ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (٤) (٥).


(١) مناسك الحج والعمرة (ص ٤٦ - ٤٧). وانظر: بداية المجتهد (١/ ٤١٧).
(٢) في صفحة ٣٣٢.
(٣) سورة المائدة، الآية [٩٥].
(٤) سورة النساء، الآية [٩٢].
(٥) انظر: المحلى (٥/ ٢٣٦ - ٢٣٧)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٥/ ٢٢٧).

<<  <   >  >>