للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المعنى الثاني للتعدي - وهو العمل المحظور شرعا - فليس بشرط للمسئولية في كل من المباشر والمتسبب، بعد توافر التعدي بمعنى التجاوز إلى حق الغير أو ماله المعصوم، فقد يتحقق التعدي بهذا المعنى ولا يكون الفعل محظورا شرعاً، بل قد يكون واجبا ويثبت معه الضمان» (١).

«على أنه قد يقول متسائل: فما الفرق عندئذ بين التسبب والمباشرة في المسئولية، فإن المشهور لدى كل من كتبوا من المعاصرين في هذا الموضوع أن التعدي شرط في التسبب لا في المباشرة؟ (٢).

فالجواب: أنه عند انفراد أحدهما - تسببا كان أو مباشرة - يكون فاعله مسئولا بالضمان بشرط التعدي، وإنما الفرق بينهما عند اجتماعها، فإذا اجتمع المباشر والمتسبب وكل منهما متعدٍّ فالمباشر هو الضامن» (٣)، على تفصيل في ذلك، كما سيأتي في دراسة القاعدة الآتية.


(١) الفعل الضار (ص ٧٨ - ٧٩).
(٢) انظر: الضمان في الفقه الإسلامي (١/ ٧٥، ٨٣).
(٣) الفعل الضار (ص ٨٣).
وقد انتقد القاضي محمد تقي العثماني في كتابه بحوث في قضايا فقهية معاصرة (ص ٣٠٤) الأستاذ مصطفى الزرقا في قوله: إن المراد بالتعدي المشترط في وجوب الضمان على المتلف المتسبب هو «المجاوزة الفعلية إلى حق الغير أو ملكه المعصوم»، وقال: «فالصحيح الذي يتبادر من كلام الفقهاء، أن التعدي الذي يشترط لتضمين المسبب هو التعدي بالمعنى الثاني، وهو أن يكون فعله المسبب للضرر محظورا في نفسه، وإن التعدي بهذا المعنى لا يشترط في تضمين المباشر». إلا أنه لم يذكر دليلا يدل على صحة انتقاده. فالله أعلم.

<<  <   >  >>