للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتبعه على ذلك كل من:

أولاً: الدكتور وهبة الزحيلي حيث يقول: «والأصح أن يقال في هذه القاعدة - كما ذكرنا فيما قبلها -: (إلا بالتعدي)؛ وذلك لأن شرط تضمين المتسبب هو وجود التعدي، سواء أكان بقصد أم لا» (١).

ثانياً: الدكتور محمد سراج حيث يقول: «وعلى الرغم من وضوح اعتبار الخطأ والإهمال والتقصير في وجوب الضمان، فقد أخطأ القائمون على مجلة الأحكام العدلية خطأ جوهريا في فهم الأصول العامة للضمان، حين نصوا على اشتراط التعمد في التسبب لإيجاب الضمان، فقد جاء في المادة (٩٢) من هذه المجلة أن (المباشر ضامن وإن لم يتعمد)، وفي المادة (٩٣) أن (المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد)، ويفيد الحصر بالنفي و (إلا) في المادة الأخيرة أن المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد، وهو خلاف ما يدل عليه واجب العناية بحقوق الغير في الشريعة، كما أنه يناقض الحكم بالضمان في كثير من الفروع الفقهية التي ذكرها علماء المذهب الحنفي أنفسهم، كما في ضمان الحداد والموقد للنار في ملكه مما سبق ذكره قبل قليل.

وهناك احتمالان في تفسير سبب الوقوع في هذا الخطأ:

أولهما: متابعة خطأ كتابي وقع في بعض الكتب السابقة، كأشباه ابن نجيم التي وردت فيه القاعدة نفسها بلفظ: «المباشر ضامن وإن لم يتعمد، والمتسبب لا، إلا إذا كان متعمداً» (٢)، ومع ذلك فقد تعاقب شراح المجلة على ترديد الخطأ نفسه، دون تقدير منهم لآثاره على مفهوم الضمان وتناقضه مع ما أوردوه هم من فروع.


(١) نظرية الضمان للزحيلي (ص ١٩٨). وانظر: (ص ٢٠١).
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص ٢٤٣).

<<  <   >  >>